لِدُوا للموتِ وابنُوا لِلخُرابِ | فكُلّكُمُ يَصِيرُ إلى تَبابِ |
لمنْ نبنِي ونحنُ إلى ترابِ | نصِيرُ كمَا خُلِقْنَا منْ ترابِ |
ألا يا مَوْتُ! لم أرَ منكَ بُدّاً، | أتيتَ وما تحِيفُ وما تُحَابِي |
كأنّكَ قد هَجَمتَ على مَشيبي، | كَما هَجَمَ المَشيبُ على شَبابي |
أيا دُنيايَ! ما ليَ لا أراني | أسُومُكِ منزِلاً ألا نبَا بِي |
ألا وأراكَ تَبذُلُ، يا زَماني، | لِيَ الدُّنيا وتسرِعُ باستلابِي |
وإنَّكِ يا زمانُ لذُو صروفُ | وإنَّكَ يا زمانُ لذُو انقلابِ |
فما لي لستُ أحلِبُ منكَ شَطراً، | فأحْمَدَ منكَ عاقِبَة َ الحِلابِ |
وما ليَ لا أُلِحّ عَلَيكَ، إلاّ | بَعَثْتَ الهَمّ لي مِنْ كلّ بابِ |
أراكِ وإنْ طلِبْتِ بكلِّ وجْهٍ | كحُلمِ النّوْمِ، أوْ ظِلِّ السّحابِ |
أو الأمسِ الذي ولَّى ذهَاباً | وليسَ يَعودُ، أوْ لمعِ السّرابِ |
وهذا الخلقُ منكِ على وفاءِ | وارجلُهُمْ جميعاً في الرِّكابِ |
وموعِدُ كلِّ ذِي عملٍ وسعيٍ | بمَا أسدَى ، غداً دار الثّوَابِ |
نقلَّدت العِظامُ منَ البرايَا | كأنّي قد أمِنْتُ مِنَ العِقاب |
ومَهما دُمتُ في الدّنْيا حَريصاً، | فإني لا أفِيقُ إلى الصوابِ |
سأسألُ عنْ أمورٍ كُنْتُ فِيهَا | فَما عذرِي هُنَاكَ وَمَا جوَابِي |
بأيّة ِ حُجّة ٍ أحْتَجّ يَوْمَ الـ | ـحِسابِ، إذا دُعيتُ إلى الحسابِ |
هُما أمْرانِ يُوضِحُ عَنْهُما لي | كتابي، حِينَ أنْظُرُ في كتابي |
فَإمَّا أنْ أخَلَّدَ في نعِيْم | وإمَّا أنْ أحَلَّدَ في عذابِي |