بيان مبارك خيب الامال

أعلن الرئيس حسني مبارك تفويض نائبه عمر سليمان بمهامه وفقًا لما يحدده الدستور، معلنًا في ذات الوقت تقديمه طلبًا لمجلسي الشعب والشورى بتعديل خمس مواد دستورية؛ وهي: 76 و77 و88 و93 و189، إضافة إلى إلغاء المادة 179 الخاصة بالإرهاب.

وقال مبارك في كلمة مسجلة وليست مباشرة بثها التليفزيون المصري إنه حزن لدماء الشهداء الذين سقطوا في ميدان التحرير، مؤكدًا أن دماء شهداء التحرير لن تضيع، وأنه أصدر أوامره للنائب العام بأن يتخذ الإجراءات القانونية الصارمة تجاه المتسببين في أحداث ميدان التحرير.

واعترف مبارك بوجود أخطاء في نظامه السياسي كما هو الحال في كل الدول والأنظمة الحاكمة، مجددًا التزامه بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة.

وفيما يتعلق بالتعديلات الدستورية قال مبارك إن المادتين 76 و77 المتعلقتين بشروط ومدة الرئاسة التي لا يجب أن تمتد عن دورتين، أما المادة 179 التي قرر إلغاءها فهي المتعلقة بقانون الإرهاب، وقال مبارك إنها مقدمة لإلغاء حالة الطوارئ عندما تهدأ الأوضاع الأمنية.

تمسك الرئيس محمد حسني مبارك بمنصبه رئيسا لجمهورية مصر العربية في خطابه مساء الخميس معلنا تفويض صلاحياته لنائبه عمر سليمان.

وأعلن مبارك في خطابه الذي قال التليفزيون المصري إنهبثه من قصر الرئاسة بالقاهرة تعديل ست مواد بالدستور المصري والاتجاه لإلغاء قانون الطوارئ.

وأكد مبارك ثقته في صدق نوايا شباب الثورة الذين قال إنهم رمزا لجيل جديد، وقال لهم "دماء شهداء وجرحاكم لن تضيع هدرا، وأؤكد أنني لن أتهاون في معاقبة المتسببين عنها بكل الشدة والحسم، وسأحاسب الذين أجرموا في حق شبابنا بأقصى ما تقرره أحكام القانون من عقوبات رادعة".

وأعلن مبارك في خطابه مواد الدستور التي سيتم تعديلها قائلا "بمقتضى الصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية وفقا للمادة 189 من الدستور, فقد تقدمت اليوم بطلب تعديل 6 مواد دستورية هي المواد 76, 77, 88, 93, 189 فضلا عن إلغاء المادة 179 من الدستور مع تأكيد الاستعداد للتقدم في وقت لاحق بطلب تعديل المواد التي تنتهي هذه اللجنة الدستورية وفق ما تراه من الدواعي والمبررات" مشيرا إلى العمل على رفع قانون الطوارئ حسبما تسمح الظروف.

ولم يقدم مبارك اعتذارا لعائلات ضحايا الذين قدرتهم جهات غير حكومية بنحو 300 قتيل واكتفى بالقول "أقول لعائلات هؤلاء الضحايا الأبرياء إنني تألمت كل الألم من أجلهم مثلما تألمتم وأوجع قلبي كما أوجع قلوبكم".

وأضاف مبارك "وأقول لكم إنني كرئيس للجمهورية لا أجد حرجا أو غضاضة أبدا في الاستماع لشباب بلادي والتجاوب معه لكن الحرج كل الحرج والعيب كل العيب وما لم ولن أقبله أبدا أن استمع لإملاءات أجنبية تأتي من الخارج أيا كانت مصدرها وايا كانت ذرائعها أو مبرراتها".

وظهرت لمحة عاطفية في خطاب مبارك عند قوله "أعلنت بعبارات لا تحتمل الجدل أو التأويل عدم ترشيحي للانتخابات الرئاسية المقبلة مكتفيا بما قدمته من عطاء للوطن لأكثر من 60 عاما في سنوات الحرب والسلام".

وكان خطاب سابق لمبارك تحدث فيه عن عدم ترشحه لفترة رئاسية أعاد له بعض الشعبية بعد تضمين خطابه إشارات عاطفية لها مكانتها عند المصريين مثل كلمات "الأب" و"الموت في أرض الوطن".

وأشار مبارك إلى حوار وطني يجريه نائبه عمر سليمان مع قوى المعارضة بشأن الوصول لحل وسط للأزمة قائلا ""لقد بدأنا بالفعل حوارا وطنيا بناء... ولقد أسفر هذا الحوار عن توافق مبدئي في الآراء والمواقف يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة".

وجاء خطاب مبارك بعد أنباء عن تنحيه الليلة من منصبه خاصة بعد انعقاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية برئاسة وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي وغياب مبارك القائد الأعلى للقوات المسلحة واللواء عمر سليمان نائب الرئيس.

وتشهد معظم محافظات مصر وميادينها الرئيسية يتصدرها التحرير في القاهرة مظاهرات عرفت بثورة 25 يناير تطالب بإسقاط النظام الذي يترأسه مبارك ويكون الحزب الوطني الديمقراطي قوامه الأكبر.

وقال التلفزيون الرسمي إن مبارك سيتحدث إلى الشعب من قصره في القاهرة مساء اليوم الخميس، عقب ساعات من نفي وزير الإعلام أنس الفقي تنحي الرئيس قائلا "الرئيس لا يزال في السلطة ولن يتنحى. الرئيس لن يتنحى وكل شيء سمعتموه في وسائل الاعلام مجرد شائعات".

وعرض التلفزيون المصري لقطات مساء الخميس ظهر فيها مبارك مجتمعا مع نائبه عمر سليمان، وظهر الرئيس جالسا إلى مكتبه صامتا بينما كان سليمان يتحدث.

وصدق الفقي في مواجهة حسام بدراوي الأمين العام الجديد للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه مبارك، وقال بدراوي في مقابلة مع تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عصر الخميس "إن الخطوة الصحيحة التي يتعين على الرئيس القيام بها هي التنحي"، وأضاف قبل الإعلان عن خطاب مبارك إنه يتوقع أن يلقي مبارك كلمة إلى الأمة في وقت لاحق وأنه يأمل في أن "يعلن الرئيس نقل السلطة إلى نائبة وتمهيد الطريق لإجراء تعديلات دستورية".

ولم تختلف كلمات أحمد شفيق رئيس الوزراء المصري عن بدراوي إلا أنه التزم منطقة وسط، قائلا في مقابلة مع (بي.بي.سي) إن مبارك قد يتنحى وأن الموقف في البلاد سيتضح قريبا.

وكتبت (بي.بي.سي) على موقعها على الإنترنت "في مقابلة مع بي.بي.سي. العربية أكد شفيق أنه يجري مناقشة سيناريو لتنحي مبارك. وقال إن الموقف سلبا أو إيجابا سيتضح قريبا"، لكن شفيق عاد ليقول في تصريح للتلفزيون المصري عقب بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة "إن كل شيء لا يزال في يد الرئيس حسني مبارك".

خطاب مبارك يشعل الغضب في ميدان التحرير

بعد يوم من تضارب الأنباء حول تنحي الرئيس المصري حسني مبارك من منصبه، جاء خطاب الرئاسي كصاعقة فجرت في ميدان التحرير ردود فعل غاضبة بين المتظاهرين الذين ساد انطباع بينعدد كبير منهم أن الرئيس سيعلن تنحيه ويترك البلاد، وهو ما لم يحدث بعدما اكتفى بتفويض سلطاته لنائبه اللواء عمر سليمان. وفور إعلان مبارك بقاءه رئيسا شرعيا للبلاد حتى سبتمبر رفع المتظاهرون الغاضبون أحذيتهم في مواجهة شاشة كانت تعرض خطاب مبارك مرددين شعارات تطالب بإسقاطه، وبدأ بعضهم بالهتاف والتهديد بالتظاهر أمام القصر الجمهوري قائلين "ع القصر رايحين شهدا بالملايين"، في إشارة إلى تظاهرة تتوجه إلى القصر الرئاسي دعا إليها ناشطون في وقت سابق. لكن ذلك لم ينف وجود بعض الآراء التي قبلت ما قدمه مبارك ورأت أن من الأفضل العودة إلى المنازل حفاظا على مكاسب الثورة وأرواح المتظاهرين. ياهو مكتوب كان في قلب ميدان التحرير وينقل في السطور التالية آراء بعض المتظاهرين في ميدان التحرير تم لقاؤهم فور انتهاء خطاب الرئيس مبارك مباشرة: عادل المصري (35 سنة – أعمال حرة) إذا كان الرئيس مصمما على البقاء في السلطة، فإننا سنذهب للقصر لإسقاطه. الآلاف هنا (في ميدان التحرير) مستعدون أن يصبحوا شهداء في سبيل إسقاط الرئيس. سأقضي الليل في ميدان التحرير وأبقى فيه حتى يرحل عن مصر. أنا لا أفهم لماذا يتمسك الرئيس مبارك بالسلطة، أنا أقول له من أجل مصر والأرواح البريئة وأطفالنا إرحل عن مصر. معتز النوبي (31 سنة – مهندس اتصالات) أنا حزين وأشعر بإحباط وغضب شديدين بعد سماعي لخطاب مبارك، آلاف المتظاهرين في ميدان التحرير وغيره من الميادين مستعدون أن يذهبوا إلى قصره غدا. هي ميتة واحدة ومن الأفضل لنا أن نموت بكرامة بدلا من العيش بمذلة، سأترك التحرير اليوم فقط لأجمع أكبر عدد ممكن من زملائي لحضور تظاهرة الغد. لا نريده أن يبقى أكثر من ذلك رئيسا لمصر. أشرف محمود طه (43 سنة – محاسب) ما قاله الرئيس مبارك هو عين العقل، ومع احترامي للجميع فقد سلم الرئيس سلطاته لنائب الرئيس عمر سليمان، لو ترك مبارك السلطة ورحل ستكون فوضى. سليمان تاريخه مشرف وسيجري التعديلات الدستورية التى نريدها. لن أشارك في مظاهرة الغد التى ستتوجه للقصر الرئاسي، اعتقد أنها فكرة سيئة لأن البلد ستشتعل. ورغم ذلك أعتقد أن الرئيس مبارك لو كان أعلن تنحيه لكان أفضل للجميع. محمد عزت (26 سنة – موظف بإحدى شركات البترول) كلنا كنا نتوقع أنه سيعلن تنحيه عن الرئاسة، أنا محبط لكنني ذاهب إلى القصر الرئاسي غدا لإسقاطه، ومستعد أن أموت في سبيل ذلك. خطاب مبارك شكل صدمة لي، ووالدتي بكت بعد الخطاب من الصدمة. أدعو المصريين إلى عصيان مدني كلنا سنشارك في عصيان مدني يبدأ من الغد ولن نذهب إلى أعمالنا حتى يرحل مبارك، أنا مستعد أن أبقى في التحرير وأخسر وظيفتي حتى يرحل الرئيس. سوزان مصطفى (58 سنة – موظفة بإحدى البنوك) حسبنا الله ونعم الوكيل .. خطاب مبارك أصابني بصدمة خاصة عندما رأيت الناس من حولي يفقدون وعيهم ويسقطون أرضا، نحن لا نريده فلماذا يصمم على البقاء؟! رغم كبر سني سأكون غدا في ميدان التحرير منذ السابعة صباحا لإسقاط مبارك، ادعو الجميع إلى بدء عصيان مدني في جميع أنحاء مصر. أنا أيضا لا أفهم موقف الجيش المصري، لماذا يتركونه في السلطة حتى الآن، لماذا لا يتدخلون؟! محمد غالي (28 سنة – صحفي) اعتقد أن الرئيس مبارك لعب على وتر العاطفة في خطابه لكنه لم يقدم شيئا جديدا ولم ينفذ ما يطلبه المتظاهرون، ما قاله مجرد تكرار لخطاباته القديمة. التفويض الذى قدمه لنائبه عمر سليمان قد يسحبه في أي لحظة فلا يوجد ضامن. وأرى أن الخطوة القادمة تتوقف على رد فعل الجيش الذى ينتظر بدوره رد فعل الناس، وقد يتدخل لصالح المواطنين كما أعلن في بيانه العسكري الأول اليوم. الإحباط نال من المتظاهرين لكنهم أعلنوا موقفهم بأن ما جاء في الخطاب غير كاف، وسترتب عليه حشد المزيد من المعارضين لمبارك ليس فقط في ميدان التحرير لكن في كل ميادين مصر، الخطاب كان "تسكينيا" وهدفه إحباط الناس قبل تظاهرة الغد، لأني اعتقد أن الرئيس خائف جدا من الغد.