مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: ملعون يا سيف اخي الإثنين أبريل 05, 2010 3:00 am | |
| ملعون يا سيف أخى
تقديم م. أسامة حافظ
هى أروع ما كتب الشاعر الكبير فاروق جويدة تقرأها الآن وبعد كتابتها بأكثر من عشرين سنه فتشعر أنها تتكلم عما يحدث الأن كأنها كتبت اليوم .
القصيدة كتبت عندما حاصر شيعة امل المخيمات الفلسطينية فى لبنان . . . ووسط القصف الشديد ومن بين أشلاء القتلى بالمئات والجرحى والدماء وحيث الحصار الشديد والرصاص والجوع يملأ الشوارع بالجثث الفلسطينية يرسل أهل المخيم يطلبون من علماء المسلمين فتوى بشأن مشروعية سد رمق الجوعى بأكل لحوم قتلاهم ليكتفى الموت بقتلي الرصاص .. ويرتفع عن قتلى الجوع وندرة الزاد .
هز هذا الطلب الشاعر الكبير وكتب قصيدته فكانت أبلغ وأصدق تعبير عن الحدث .
وأنا إذ أذكر الناس بالقصيدة إنما أستعيد الحدث فى حدث لا يختلف عنه فالضحايا هم الضحايا – الفلسطينيون – والحصار هو الحصار والقصف والقتل هو القصف و القتل أما القتلة فهم الحلفاء من يهود وفارق الزمن ليس طويلا كي ننسي واني لنا ان ننسي في بضع وعشرين سنة.
والقصيدة أبلغ من أن يعلق عليها معلق وإنما سأعرضها على عجالة تاركا للقارئ أن يعيشها دون أن أفسدها بحديثى .
وهى تبدأ بتصوير ما يحدث وطلب الفتوى من علماء الإسلام أن يأكل صاحب القصيدة ولده الذى قتلوه أمامه . . هو لا يرغب فى أكله لأنه إنسان همجي متوحش لا دين له.. لا فهو رجل متدين مؤمن بالله .. ولا يرغب فى أكله لأنه ثمرة خيانة أو زنا .. بل أنه ابنه الذى يحبه ويعشقه ولم ينجب غيره .
ثم ها هو يقف أمام ولده ليتساءل بماذا يبدأ أكله وتطارده محبته لولده وذكرياته معه وأحلامه التى كان يحلمها له وأماله التى عقدها عليه ثم ووسط دموعك وأنت تقرأ القصيدة ينفجر الشاعر كفرا بكل الزمن الملئ بالخزى والعار وبمن زعموا أنهم إخوانه فحملوا سلاحهم لا ليدافعوا عنه وإنما ليقتلوه ويقتلوا ولده ويصب لعناته على إخوته وسيوف إخوته ويعود ليطلب فتوى ولكن ليقتل جلاديه وظلامه .
وإلى قصيدة الشاعر الكبير :
لم أكل شيئا منذ بداية هذا العام
والجوع القاتل يأكلنى
يتسلل سما .. فى الأحشاء
يشطرنى فى كل الأرجاء
أرقب أشلائى فى صمت فأرى الأشلاء .. بلا أشلاء
من منكم يمنحنى فتوى باسم الاسلام
أن أكل ابنى
ابنى قد مات
قتلوه أمامى
قد سقط صريعا بين مخالب جوع لا يرحم
وبعد دقائق سوف أموت
ودماء صغيرى شلال يتدفق فوق الطرقات
اعطونى الفرصة كى أنجو من شبح الموت
لا شئ أمامى اكله .. لا شئ سواه
* * *
لا تنزعجوا ..
لست بمجنون أو قاتل
فأنا صليت الفجر ورب الكعبة عشر سنين
لم أترك فرضا
وكثيرا ما أقرأ وحدى
ورد الصوفية كل صباح
وكثيرا ما يسبح قلبى بين القرآن
وأنا والله أصوم ويسحرنى
قبس من نور فى رمضان
وأهيم وحيدا
حين يطل على قلبى نور الرحمن
* * *
وأنا والله أخاف الله
وأخشى يوما تنكرنى فيه قدماى
أو يسأم جفنى من عينى
وتثور على صمتى شفتاى
أو يهرب وجهى من وجهى
وتموت على جفنى عيناى
قد جئت الآن لأسألكم
أفتونى باسم الإسلام
أن أكل ابنى
إنى والله أبوه وأعرف أمه
أشهد والله بأن امرأتى
ما كانت يوما زانية .. كى تزنى فيه
ولدى من صلبى أعرفه
من لون الشعر .. إلى قدميه
وجها - هو يحمل لونى
منذ رأيت حقول القمح
تضئ الفجرعلي عينيه
هو يحمل لون الشعر
وان كانت أطياف الضوء
تطارد شبح الليل على رأسى
هو يحمل أوصاف شبابى
لكنى أشهد أن وليدى
كان عنيد الحلم فلم يحمل
فى يوم شيئا من يأسى
وهناك على الصدر علامة
وطن مغتصب .. وكرامة
* * *
لم أنجب غيره ..
قد عشت أخاف سحابة حزن
سوف تغلف أيامى
قد عشت أسير بأرض الله
وأجهل خطوة أقدامى
فلماذا أنجب والدنيا
وطن مصلوب الجدران
إنى إنسان ..
أحمل أوصاف الإنسان
أتكلم .. أحلم .. أمشى .. أو أبكى
أو أكتب شعرا
حين يطل على عينى وجه الأحزان
لكنى لا أملك وطنا
لا بيت لدى .. ولا عنوان
تلفظنى كل الأبواب
تصفعنى كل الأعتاب
فأنا مكروه مرفوض فى كل كتاب
كل الأبواب أمام العين
يحاصرها شبح الحراس
فأنا محسوب بين الناس
لكنى شئ .. غير الناس
* * *
أحببت صغيرى
حملته يداى وأسمعنى أحلى الضحكات
ولدى قد مات
أحمله الآن على صدرى أشلاء رفات
كم كنت أصلى فى عينيه
ويغمرنى ضوء الصلوات
كم كنت أحدق فيه
فألمح عمرى بين يديه
كم كنت أصلى الفجر
ويشرق نور الخالق فى عينيه
كم كنت أراه الوطن القادم
من أشلاء الوطن المهزوم
كم كنت أراه وأسمعه
يبكى فى الليل
فأسمع فيه صهيل الخيل
وألمح فيه الفرس الجامح
يتهادى فوق الأسوار
أراه المارد يخرج
بين سواد الليل خيوط نهار
ويقول كلاما أفهمه
لكنى أبدا لا أحكيه
أعرفتم كيف نقول
كلاما فى الأعماق
ونخشى يوما أن نحكيه
ولدى من زمن يسكننى
وأنا من زمن أسكنه
قد عاش زمانا فى صدرى
والآن تكفنه عينى
فدعونى اكل من ابنى
كى أنقذ عمرى
* * *
ماذا أكل من ابنى ...
من أين سأبدأ
لن أقرب أبدا من عينيه
عيناه الحد الفاصل
بين زمان يعرفنى
وزمان آخر ينكرنى
لن أقرب أبدا من شفتيه
شفتاه نبى مصلوب
برسالة نور تهدينى
وبريق ضلال .. يجذبنى
لن أقرب أبدا من قدميه
قدماه نهاية ترحالى
فى وطن عشت أطارده
وزمان عاش يطاردنى
* * *
ماذا أكل من ابنى يا زمن العار
تكتب أشعارا فى الفقراء وفى البسطاء
وحق الثورة .. والثوار
تتشدق عن زمن الصاروخ
وعصر العلم .. وسوق البورصة والدينار
تتباكى عن حق الإنسان
شذوذ الجنس .. ومرض الإيدز
وحق الشورى والأحرار
تكفر بالله .. تبيع الأرض
تبيع العرض وتسجد جهرا للدولار
لن أكل شيئا من ابنى يا زمن العار
ساظل أقاوم هذا العفن
لأخر نبض فى عمرى
سأموت الآن لينبت مليون وليد
وسط الأكفان على قبرى
وسأرسم فى كل صباح
وطنا مذبوحا فى صدرى
* * *
حاربت كثيرا أعدائى
لم أهزم منهم
حاربنى ظلى
حاربنى سيفى ياللعار
تسلل فى ظلمة ليل
كى يسكن جنبى
حاربنى قلبى
كيف الشريان تنكر يوما خادعنى
وغدا سكينا فى قلبى
فأخى فى الله وباسم الدين
وباسم محمد يقتلنى .. فى غرفة نومى
ابنى قد مات بسيف أخى
وغدا سأموت بسيف أخى
ملعون يا سيف أخى فى كل كتاب
فى التوراة وفى الإنجيل وفى القرآن
ملعون يا سيف أخى فى كل زمان
ملعون يا عار أخى
خوف فى صدر المحكومين
وقهر فى أيدى الحكام
ملعون يا سيف أخى
ماذا أبقيت من الدنيا
وعيون صغيرى بعض حطام
رحم موبوء جمعنا خانتنا كل الأرحام
ما أنت أخى
قد جئت سفاحا يا ملعون وابن حرام
ملعون يا وجه أخى
قدمى يتحلل فى الأنقاض
وبين الموتى .. والأيتام
ملعون يا سيف أخى
سيف يتعبد للسفهاء
ويذبحنا تحت الأقدام
من منكم يمنحنى فتوى باسم الإسلام
أن أقتل يوما جلادى
وأحطم كل الأصنام . | |
|