مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: الايات من 95 الي 101من سورة النساء الثلاثاء يناير 04, 2011 2:15 pm | |
| لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96)
قال البخاري: حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء قال : لما نزلت: ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدًا فكتبها، فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته فأنزل الله [عز وجل] ( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ )
حدثنا محمد بن يوسف، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: لما نزلت: ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ادع فلانا " فجاءه ومعه الدواة واللوح والكتف فقال: " اكتب: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله " وخَلْف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله، أنا ضرير فنزلت مكانها: ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ )
وقال البخاري أيضا: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن سعد، عن صالح بن < 2-386 > كَيْسان، عن ابن شهاب، حدثني سهل بن سعد الساعدي: أنه رأى مَروان بن الحكم في المسجد، قال: فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عَلَيّ: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ". فجاءه ابن أم مكتوم، وهو يمليها عليَّ، قال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت -وكان أعمى-فأنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفَخِذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن تُرَض فخذي، ثم سري عنه، فأنزل الله: ( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ )
انفرد به البخاري دون مسلم، وقد روي من وجه آخر عن زيد فقال الإمام أحمد:
حدثنا سليمان بن داود، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد قال: قال زيد بن ثابت: إني قاعد إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أُوحِي إليه، قال: وغشيته السكينة، قال: فوقع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة. قال زيد: فلا والله ما وجدت شيئًا قط أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سري عنه فقال: " اكتب يا زيد ". فأخذت كتفا فقال: "اكتب: ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ ) إلى قوله ( أَجْرًا عَظِيمًا ) فكتبت ذاك في كتف، فقام حين سمعها ابن أم مكتوم -وكان رجلا أعمى -فقام حين سمع فضيلة المجاهدين فقال: يا رسول الله، وكيف بمن لا يستطيع الجهاد ممن هو أعمى، وأشباه ذلك؟ قال زيد: فوالله ما مضى كلامه -أو ما هو إلا أن قضى كلامه -حتى غشيت النبي صلى الله عليه وسلم السكينة، فوقعت فخذه على فخذي، فوجدت من ثقلها كما وجدت في المرة الأولى، ثم سري عنه فقال: " اقرأ ". فقرأت عليه: " لا يستوِي القاعدون من الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) قال زيد: فألحقتها، فوالله لكأني أنظر إلى مُلْحَقها عند صدع كان في الكتف.
ورواه أبو داود، عن سعيد بن منصور، عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، به نحوه .
وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن قَبيصة بن ذُؤَيب، عن زيد بن ثابت، قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " اكتب لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله " فجاء عبد الله ابن أم مكتوم فقال: يا رسول الله إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي من الزمانة ما قد ترى، قد ذهب بصري. قال زيد: فثقلت فَخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، حتى خشيت أن ترضها ثم سُرِّي عنه، ثم قال: " اكتب: ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )
< 2-387 >
ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وقال عبد الرزاق: أخبرني ابن جُرَيْج، أخبرني عبد الكريم -هو ابن مالك الجَزري -أن مِقْسما مولى عبد الله بن الحارث -أخبره أن ابن عباس أخبره: لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر، والخارجون إلى بدر.
انفرد به البخاري دون مسلم. وقد رواه الترمذي من طريق حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عبد الكريم، عن مِقْسم، عن ابن عباس قال: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضر عن بدر، والخارجون إلى بدر، لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم: إنا أعميان يا رسول الله فهل لنا رخصة ؟ فنزلت: ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة، فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر ( وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر.
هذا لفظ الترمذي، ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
فقوله [تعالى] ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) كان مطلقا، فلما نزل بوحي سريع: ( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) صار ذلك مخرجا لذوي الأعذار المبيحة لترك الجهاد -من الْعَمَى والعَرَج والمرض-عن مساواتهم للمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.
ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين على القاعدين، قال ابن عباس : ( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) وكذا ينبغي أن يكون لما ثبت في الصحيح عند البخاري من طريق زهير بن معاوية، عن حُمَيْد، عن أنس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن بالمدينة أقوامًا ما سِرْتُم من مَسِير، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه " قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله ؟ قال: " نعم حبسهم العذر ".
وهكذا رواه الإمام أحمد عن محمد بن أبي عَدِيّ عن حُمَيد، عن أنس، به وعلقه البخاري مجزوما. ورواه أبو داود عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن موسى بن أنس بن مالك، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرًا، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه ". قالوا: يا رسول الله، وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: " حبسهم العذر ".
لفظ أبي داود وفي هذا المعنى قال الشاعر :
يـا راحـلين إلـى البَيـت العتيـق لَقَدْ سـرْتُم جُسُـوما وسـرْنا نحنُ أرواحا إنَّـا أقَمنـا عـلى عُـذْرٍ وعَـنْ قَــدَرٍ ومَـنْ أقـامَ عـلى عـذْرٍ فقـد راحا
< 2-388 >
وقوله: ( وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ) أي: الجنة والجزاء الجزيل. وفيه دلالة على أن الجهاد ليس بفرض عين بل هو فرض على الكفاية.
ثم قال تعالى: ( وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) ثم أخبر تعالى بما فضلهم به من الدرجات، في غرف الجِنَان العاليات، ومغفرة الذنوب والزلات، وحلول الرحمة والبركات، إحسانا منه وتكريما؛ ولهذا قال تعالى: ( دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )
وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض".
وقال الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بلغ بسهم فله أجره درجة " فقال رجل: يا رسول الله، وما الدرجة ؟ فقال: " أما إنها ليست بعتبة أمك، ما بين الدرجتين مائة عام " .
عدل سابقا من قبل مسلم في الثلاثاء يناير 04, 2011 2:18 pm عدل 1 مرات | |
|
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: الايات من 95 الي 101من سورة النساء الثلاثاء يناير 04, 2011 2:16 pm | |
| إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيْوَة وغيره قالا حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود قال: قطع على أهل المدينة بعْثٌ، فاكتتبت فيه، فلقيتُ عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشد النهي، ثم قال: أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين، يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي السهم فَيُرمى به، فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب عنقه فيقتل، فأنزل الله [عز وجل] ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) رواه الليث عن أبي الأسود .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور الرَّمَادِي، حدثنا أبو أحمد -يعني الزبيري-حدثنا < 2-389 > محمد بن شَرِيك المكي، حدثنا عمرو بن دينار، عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يستخفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم بفعل بعض قال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا، فاستَغْفَروا لهم، فنزلت: ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ [قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ) إلى آخر] الآية، قال: فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الآية: لا عذر لهم. قال: فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة، فنزلت هذه الآية: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ الآية [البقرة: 8] .
وقال عكرمة : نزلت هذه الآية في شباب من قريش، كانوا تكلموا بالإسلام بمكة، منهم: علي بن أمية بن خَلَف، وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو العاص بن منبه بن الحجاج، والحارث بن زَمْعة.
وقال الضحاك: نزلت في ناس من المنافقين، تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وخرجوا مع المشركين يوم بدر، فأصيبوا فيمن أصيب فنزلت هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة، وليس متمكنا من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراما بالإجماع، وبنص هذه الآية حيث يقول تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) أي: بترك الهجرة ( قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ) أي: لم مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة؟ ( قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ ) أي: لا نقدر على الخروج من البلد، ولا الذهاب في الأرض ( قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً [فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا] ) .
وقال أبو داود: حدثنا محمد بن داود بن سفيان، حدثني يحيى بن حسان، أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن سمرة بن جندب: أما بعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله " .
وقال السدي : لما أسر العباس وَعقِيل ونَوْفَل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: " افد نفسك وابن أخيك " قال: يا رسول الله، ألم نصل قبلتك، ونشهد شهادتك؟ قال: " يا عباس، إنكم خاصمتم فخُصمتم". ثم تلا عليه هذه الآية: ( أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً [فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا] ) رواه ابن أبي حاتم.
وقوله: ( إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ [مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا ]) < 2-390 > هذا عذر من الله تعالى لهؤلاء في ترك الهجرة، وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين، ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق، ولهذا قال: ( لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا ) قال مجاهد وعكرمة، والسدي: يعني طريقا.
وقوله تعالى: ( فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ) أي: يتجاوز عنهم بترك الهجرة، وعسى من الله موجبة ( وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) .
قال البخاري : حدثنا أبو نُعَيْم، حدثنا شَيْبَان، عن يَحْيَى، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هريرة قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال: " سمع الله لمن حمده " ثم قال قبل أن يسجد " اللهم نَج عياش بن أبي ربيعة، اللهم نج سلمة بن هشام، اللهم نج الوليد بن الوليد، اللهم نَج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مُضَر، اللهم اجعلها سنين كسِنِيِّ يوسف".
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو معمر المقري حدثنا عبد الوارث، حدثنا علي بن زيد، عن سعيد بن المسَّيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده بعدما سلم، وهو مستقبل القبلة فقال: " اللهم خلص الوليد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة، وسَلَمة بن هشام، وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا من أيدي الكفار" .
وقال ابن جرير: حدثنا المثنى، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن علي بن زيد عن عبد الله -أو إبراهيم بن عبد الله القرشي-عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دُبُرِ صلاة الظهر: " اللهم خَلِّص الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " .
ولهذا الحديث شاهد في الصحيح من غير هذا الوجه كما تقدم .
وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان
وقال البخاري : أنبأنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن ابن عباس: ( إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ ) قال : كانت أمي ممن عَذَر الله عز وجل .
وقوله: ( وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ) هذا تحريض على < 2-391 > الهجرة، وترغيب في مفارقة المشركين، وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن فيه، و "المراغم" مصدر، تقول العرب: راغم فلان قومه مراغما ومراغمة، قال نابغة بني جعدة .
كَطَــــوْدٍ يُـــلاذُ بأرْكَانِـــه عَزيـــز المُـــرَاغَم وَالْمَهْــربِ
وقال ابن عباس : "المراغَم": التحول من أرض إلى أرض . وكذا رُوي عن الضحاك والربيع بن أنس، الثوري، وقال مجاهد : ( مُرَاغَمًا كَثِيرًا ) يعني: متزحزحا عما يكره. وقال سفيان بن عيينة: ( مُرَاغَمًا كَثِيرًا ) يعني: بروجا.
والظاهر -والله أعلم-أنه التمنّع الذي يُتَحصَّن به، ويراغم به الأعداء.
قوله: ( وَسَعَةً ) يعني: الرزق. قاله غير واحد، منهم: قتادة، حيث قال في قوله: ( يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ) إي، والله، من الضلالة إلى الهدى، ومن القلة إلى الغنى.
وقوله: ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) أي: ومن خرج من منزله بنية الهجرة، فمات في أثناء الطريق، فقد حصل له من الله ثواب من هاجر، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من الصحاح والمسانيد والسنن، من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وَقّاص الليثي، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" .
وهذا عام في الهجرة وفي كل الأعمال. ومنه الحديث الثابت في الصحيحين في الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نَفْسًا. ثم أكمل بذلك العابد المائة، ثم سأل عالما: هل له من توبة؟ فقال: ومن يَحُول بينك وبين التوبة ؟ ثم أرشده إلى أن يتحول من بلده إلى بلد آخر يعبد الله فيه، فلما ارتحل من بلده مهاجرا إلى البلد الآخر، أدركه الموت في أثناء الطريق، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقال هؤلاء: إنه جاء تائبا. وقال هؤلاء: إنه لم يَصِلْ بَعْدُ. فأمروا أن يقيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أقرب كان منها، فأمر الله هذه أن يُقرب من هذه، وهذه أن تبعد فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها بِشِبْر، فقبضته ملائكة الرحمة. وفي رواية: أنه لما جاءه < 2-392 > الموت ناء بصدره إلى الأرض التي هاجر إليها.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن عَتِيك، عن أبيه عبد الله بن عَتِيك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من خرج من بيته مهاجرا في سبيل الله-ثم قال بأصابعه هؤلاء الثلاث: الوسطى والسبابة والإبهام، فجمعهن وقال: وأين المجاهدون-؟ فخرَّ عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله، أو لدغته دابة فمات، فقد وقع أجره على الله أو مات حَتْف أنفه، فقد وقع أجره على الله -والله! إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم-ومن قتل قَعْصًا فقد استوجب المآب .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي عن المنذر بن عبد الله، عن هشام بن عُرْوَة، عن أبيه؛ أن الزبير بن العوام قال : هاجر خالد بن حِزَام إلى أرض الحبشة، فنهشته حية في الطريق فمات، فنزلت فيه: ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) قال الزبير : فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة، فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغني؛ لأنه قَلّ أحد ممن هاجر من قريش إلا معه بعض أهله، أو ذوي رحمه، ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى، ولا أرجو غيره.
وهذا الأثر غريب جدا فإن هذه القصة مكية، ونزول هذه الآية مدنية، فلعله أراد أنها أنزلت تعم حكمه مع غيره، وإن لم يكن ذلك سبب النزول، والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن داود مولى عبد الله بن جعفر، حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان، عن الأشعث -هو ابن سَوَّار-عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرج ضَمْرَةُ بن جُنْدُب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت: ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ [ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا] ) .
وحدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن رَجَاء، أنبأنا إسرائيل، عن سالم، عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة بن العيص الزُّرَقِي، الذي كان مصاب البصر، وكان بمكة فلما نزلت: ( إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً ) فقلت: إني لغني، وإني لذو حيلة، [قال] فتجهز يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأدركه الموت بالتَّنْعِيم، فنزلت هذه الآية: ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ [فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا] )
< 2-393 >
قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إبراهيم بن زياد سَبَلانُ، حدثنا أبو معاوية، حدثنا محمد بن إسحاق، عن حميد بن أبي حميد، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج حاجا فمات، كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات، كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازيا في سبيل الله فمات، كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة".
وهذا حديث غريب من هذا الوجه . | |
|
جلال العسيلى مشرف عام
عدد المساهمات : 5415 نقاط : 7643 السٌّمعَة : 13 تاريخ التسجيل : 16/05/2010 العمر : 62
| موضوع: رد: الايات من 95 الي 101من سورة النساء الثلاثاء يناير 04, 2011 4:32 pm | |
| بارك الله فيك على موضوعك القيم وجزاك الله خيرا | |
|