مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: أثار المعاصي والذنوب الأحد نوفمبر 21, 2010 12:03 am | |
| ومنها : أنها تحدث في الأرض أنواعًا من الفساد في المياه والهواء والزرع والثمار والمساكن ، قال تعالى : 0]ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ] [ الروم : 41 ] .
22- ومن عقوباتها أنها تطفئ من القلب نار الغيرة ... والمقصود : أنه كلما اشتدت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على (نفسه وأهله وعموم الناس) ، وقد تضعف في القلب جدًّا ، حتى لا يستقبح بعد ذلك القبـيح لا من نفسه ولا من غيره ، وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك ، وكثير من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح ، بل يحسن الفواحش والظلم لغيره ويزينه له ، ويدعوه إليه ويحثه عليه ، ويسعى له في تحصيله ، ولهذا كان الدَّيُوث أخبث خلق اللَّه ، والجنة عليه حرام ، وكذلك محلل الظلم والبغي لغيره ومزينه لغيره ، فانظر ما الذي حملت عليه قلة الغيرة . وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له ، فلا دين له .
23- ومن عقوباتها : ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب ، وهو أصل كل خير ، وذهابه ذهاب كل خير بأجمعه ، وفي (( الصحيحين )) عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( الحياء خير كله )) . وقال : (( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم يستح فاصنع ما شئت )) . رواه البخاري . والمقصود : أن الذنوب تضعف الحياء من العبد حتى ربما انسلخ منه بالكلية ، حتى ربما أنه لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله ولا باطلاعهم عليه ، بل كثير منهم يخبر هو عن حاله وقبح ما يفعله ، والحامل له على ذلك انسلاخه من الحياء ، وإذا وصل العبد إلى هذه الحالة لم يـبق في صلاحه مطمع .
24- ومن عقوباتها : أنها تضعف في القلب تعظيم الرب جلَّ جلاله ، وتضعف وقاره في قلب العبد ولا بد ، شاء أم أبى ، ولو تمكن وقار اللَّه وعظمته في قلب العبد لما تجرأ على معاصيه . ومن بعض عقوبة هذا : أنه يرفع اللَّه عز وجل مهابته من قلوب الخلق ، فيهون عليهم ، ويستخفون به كما هان عليه أمره واستخف به ، فعلى قدر محبة العبد للَّه يحبه الناس ، وعلى قدر خوفه من اللَّه يخافه الناس ، وعلى قدر تعظيمه للَّه وحرماته يعظم الناس حرماته ، وكيف ينتهك عبد حرمات اللَّه ، ويطمع ألا ينتهك الناس حرماته ؟ أم كيف يهون عليه حق اللَّه ولا يهونه اللَّه على الناس ؟ أو كيف يستخف بمعاصي اللَّه ولا يستخف به الخلق ؟
25- ومن عقوباتها : أنها تستدعي نسيان اللَّه لعبده ، وتركه ، وتخليته بـينه وبـين نفسه وشيطانه ، وهنالك الهلاك الذي لا يرجى معه نجاة ، قال اللَّه تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ @ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ] [ الحشر : 18، 19 ] ، فأخبر أنه عاقب من ترك التقوى بأن أنساه نفسه ، أي أنساه مصالحها ، وما ينجيه من عذابه ، وما يوجب له الحياة الأبدية . فاللَّه سبحانه وتعالى يعوض عن كل شيء سواه ولا يعوض منه شيء ، ويغني عن كل شيء ، ولا يغني عنه شيء ، ويمنع من كل شيء ، ولا يمنع منه شيء ، ، ويجير من كل شيء ولا يجير منه شيء ، وكيف يستغني العبد عن طاعة من هذا شأنه طرفة عين ؟ وكيف ينسى ذكره ويضيع أمره حتى ينسيه نفسه . فيخسرها ويظلمها أعظم ظلم ، فما ظلم العبد ربه ولكن ظلم نفسه ، وما ظلمه ربه ولكن هو الذي ظلم نفسه .
26- ومن عقوباتها : أنها تخرج العبد من دائرة الإحسان وتمنعه من ثواب المحسنين .. والمقصود : أن الإيمان سبـب جالب لكل خير ، وكل خير في الدنيا والآخرة فسبـبه الإيمان ، فكيف يهون على العبد أن يرتكب شيئًا يخرجه من دائرة الإيمان ويحول بـينه وبـينه ، ولكن لا يخرج من دائرة عموم المسلمين ، فإن استمر على الذنوب وأصر عليها خيف عليه أن يرين على قلبه ، فيخرجه عن الإسلام بالكلية ، ومن هنا اشتد خوف السلف ، كما قال بعضهم : أنتم تخافون الذنوب وأنا أخاف الكفر .
27- ومن عقوباتها : أنها تضعف سير القلب إلى اللَّه والدار الآخرة ، وتعوقه وتوقفه وتعطفه عن السير ، فلا تدعه يخطو إلى اللَّه خطوة ، هذا إن لم ترده عن وجهته إلى ورائه . فالذنب إما أن يميت القلب ، أو يمرضه مرضًا مخوفًا ، أو يضعف قوته ولا بد ، حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ النبـي صلى الله عليه وسلم منها وهي : (( الهم ، والحزن ، والعجز ، والكسل ، والجبن ، والبخل ، وضلع الدين ، وغلبة الرجال )) . والمقصود : أن الذنوب هي أقوى الأشياء الجالبة لهذه الثمانية ، كما أنها من أقوى الأسباب الجالبة (( لجهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء )) ، ومن أقوى الأسباب الجالبة لزوال نعم اللَّه تعالى وتقدس ، وتحول عافيته إلى نقمته وتجلب جميع سخطه .
28- ومن عقوبات الذنوب : أنها تزيل النعم وتحل النقم ، فما زالت عن العبد نعمة إلا بسبـب ذنب ، كما قال علي بن أبـي طالب رضي اللَّه عنه : (( ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رفع بلاء إلا بتوبة )) . وقد قال تعالى : f]وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ] [ الشورى : 30 ] .
29- ومن عقوباتها : ما يلقيه (( اللَّه )) سبحانه وتعالى من الرعب والخوف في قلب العاصي ، فلا تراه إلا خائفًا مرعوبًا ، فإن الطاعة حصن اللَّه الأعظم ، الذي مَن دخله كان من الآمنين من عقوبات الدنيا والآخرة ، ومَن خرج عنه أحاطت به المخاوف من كل جانب .
30- ومن عقوباتها : أنها توقع الوحشة العظيمة في القلب ، فيجد المذنب نفسه مستوحشًا ، وقد وقعت الوحشة بـينه وبـين ربه ، وبـينه وبـين الخلق ، وبـينه وبـين نفسه ، وكلما كثرت الذنوب اشتدت الوحشة ، وأمرُّ العيش عيش المستوحشين الخائفين ، وأطيـب العيش عيش المستأنسين .
31- ومن عقوباتها : أنها تصرف القلب عن صحته واستقامته إلى مرضه وانحرافه ، فلا يزال مريضًا معلولاً لا ينتفع بالأغذية التي بها حياته وصلاحه ، فإن تأثير الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان .
32- ومن عقوباتها : أنها تعمي بصر القلب ، وتطمس نوره ، وتسد طرق العلم ، وتحجب مواد الهداية .
33- ومن عقوباتها : أنها تصغر النفس ، وتقمعها وتدسيها وتحقرها حتى تصير أصغر من كل شيء وأحقره ، كما أن الطاعة تنميها وتزكيها وتكبرها . قال تعالى :0]قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا @ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ] [ الشمس : 9، 10 ] والمعنى : قد أفلح من أعلاها وكبرها بطاعة اللَّه وأظهرها ، وقد خسر من أخفاها وحقرها وصغرها بمعصية اللَّه .
34- ومن عقوباتها : أن العاصي دائمًا في أسر شيطانه ، وسجن شهواته ، وقيود هواه ، فهو أسير مسجون مقيد ، ولا أسير أسوأ حالاً من أسير أسره أعدى عدو له ، ولا سجن أضيق من سجن الهوى ، ولا قيد أصعب من قيد الشهوة ، فكيف يسير إلى اللَّه والدار الآخرة قلب مأسور مسجون مقيد ؟ وكيف يخطو خطوة واحدة ؟ وإذا تقيد القلب طرقته الآفات من كل جانب بحسب قيوده ، ومثل القلب مثل الطائر ، كلما علا بعد عن الآفات ، وكلما نزل استوحشته . وأصل هذا كله : أن القلب كلما كان أبعد من اللَّه كانت الآفات إليه أسرع ، وكلما كان أقرب إلى اللَّه بعدت عنه الآفات ، والبعد من اللَّه مراتب ، بعضها أشد من بعض ، فالغفلة تبعد العبد عن اللَّه ، وبعد المعصية أعظم من بعد الغفلة ، وبعد البدعة أعظم من بعد المعصية ، وبعد النفاق والشرك أعظم من ذلك كله .
35- ومن عقوباتها : سقوط الجاه والمنزلة والكرامة عند اللَّه وعند خلقه .
| |
|
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: أثار المعاصي والذنوب الأحد نوفمبر 21, 2010 12:06 am | |
| 36- ومن عقوباتها : أنها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف ، وتكسوه أسماء الذم والصغار ، فتسلبه اسم المؤمن والبر والمحسن والتقي والمطيع والمنيـب والولي والورع والمصلح والعابد والخائف والأوَّاب والطيـب والمرضى ونحوها ، وتكسوه اسم الفاجر والعاصي والمخالف والمسيئ والمفسد والخبـيث والمسخوط والزاني والسارق والقاتل والكاذب والخائن واللوطي والغادر وقاطع الرحم وأمثالها ، فهذه أسماء الفسوق و[ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ ] [ الحجرات : 11 ] التي توجب غضب الديان ، ودخول النيران ، وعيش الخزي والهوان ، وتلك أسماء توجب رضاء الرحمن ، ودخول الجنان ، وتوجب شرف المسمى بها على سائر أنواع الإنسان .37- ومن عقوباتها : أنها تؤثر بالخاصة في نقصان العقل ، فلا تجد عاقلين أحدهما مطيع للَّه والآخر عاص إلا وعقل المطيع منهما أوفر وأكمل ، وفكره أصح ، ورأيه أسدّ ، والصواب قرينه ، ولهذا تجد خطاب القرآن إنما هو مع أولي الألباب والعقول ، كقوله : [ وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ] [ البقرة : 197 ] .38- ومن عقوباتها : أن تجعل صاحبها من السفلة بعد أن كان مهيَّأ لأن يكون من العلية ، فإن اللَّه خلق خلقه قسمين : علية ، وسفلة ، وجعل عليـين مستقر العلية ، وأسفل سافلين مستقر السفلة ، وجعل أهل طاعته الأعلين في الدنيا والآخرة ، وأهل معصيته الأسفلين في الدنيا والآخرة .
39- ومن عقوباتها : أنها تجرئ على العبد ما لم يكن يجترئ عليه من أصناف المخلوقات ، فتجرئُ عليه الشياطين [ الإنس والجن ] وتجرئ عليه أهله وخدمه وأولاده وجيرانه حتى الحيوان البهيم .
40- ومن عقوباتها : أنها تخون العبد أحوج ما يكون إلى نفسه ...والمقصود : أن العبد العاصي إذا وقع في شدة أو كربة أو بلية خانه قلبه ولسانه وجوارحه عما هو أنفع شيء له ، فلا ينجذب قلبه للتوكل على اللَّه تعالى والإنابة إليه ، والحمية عليه ، والتضرع والتذلل والانكسار بـين يديه ، ولا يطاوعه لسانه لذكره ، وإن ذكره بلسانه لم يجمع بـين قلبه ولسانه ، فلا ينحبس القلب على اللسان بحيث يؤثر فيه الذكر ، ولا ينحبس اللسان والقلب على المذكور ، بل إن ذكر أو دعا بقلب غافل لاه ساه ، ولو أراد من جوارحه أن تعينه بطاعة تدفع عنه لم تنقد له ، ولم تطاوعه ، وهذا كله أثر الذنوب والمعاصي ، كما له جند يدفع عنه الأعداء ، فأهمل جنده وضيعهم وأضعفهم ، وقطع أقواتهم ، ثم أراد منهم عند هجوم العدو عليه أن يستفرغوا وسعهم في الدفع عنه بغير قوة .هذا ، وثَمَّ أمر أخوف من ذلك وأدهى وأمر ، وهو أن يخونه قلبه ولسانه عند الاحتضار والانتقال إلى اللَّه تعالى ، فربما تعذر عليه النطق بالشهادة ، كما شاهد الناس كثيرًا من المحتضرين من أصابهم ذلك ، حتى قيل لبعضهم : قل (( لا إله إلا اللَّه )) ، فقال : شاه ورخ غلبك ثم قضى (شاه ورخ قطعتان من قطع الشطرنج . والمحتضر يذكرهما لأنهما أخذا عليه لبه وعقله من كثرة اللعب) .41- ومن عقوباتها : أنها مدد من الإنسان يمد به عدوه ابليس لعنه الله عليه ، وجيش يقويه به على حربه . ( أي أن الذنوب والمعاصي سلاح ومدد يمد بها العبد أعداءه ، ويعينهم بها على نفسه ، فيقاتلونه بسلاحه ، والجاهل يكون معهم على نفسه ، وهذا غاية الجهل والسفه)42- ومن عقوباتها : أنها تنسي العبد نفسه ، فإذا نسي نفسه أهملها وأفسدها وأهلكها ، فإن قيل : كيف ينسى العبد نفسه ؟ وإذا نسي نفسه ، فأي شيء يذكر ؟ وما معنى نسيانه نفسه ؟قيل : نعم ينسى نفسه أعظم نسيان ، قال تعالى : [ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [ [ الحشر : 19 ] ، فلما نسوا ربهم سبحانه نسيهم وأنساهم أنفسهم ، كما قال تعالى :[ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ] [ التوبة : 67 ] ، فعاقب سبحانه من نسيه عقوبتين : إحداهما : أنه سبحانه نسيه والثانية :أنه أنساه نفسه . ونسيانه سبحانه للعبد إهماله وتركه وتخليه عنه وإضاعته ، فالهلاك أدنى إليه من اليد إلى الفم . وأما إنساؤه نفسه فهو إنساؤه لحظوظها العالية ، وأسباب سعادتها وفلاحها وإصلاحها وما يكملها ، ينسيه ذلك جميعه ، فلا يخطره بـباله ، ولا يجعله على ذكره ، ولا يصرف إليه همته فيرغب فيه ، فإنه لا يمر بـباله حتى يقصده ويؤثره . وأيضًا ينسيه عيوب نفسه ونقصها وآفاتها ، فلا يخطر بـباله إزالتها وإصلاحها .
43- ومنها : المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ والعذاب في الآخرة ،قال تعالى :[ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ] [ طه : 124 ] ، وقد فسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر ، ولا ريـب أنه من المعيشة الضنك ، والآيات تتناول ما هو أعم منه ، وإن كانت نكرة في سياق الإثبات ، فإن عمومها من حيث المعنى ، فإنه سبحانه رتب المعيشة الضنك على الإعراض عن ذكره ، فالمعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه ، وإن تنعم في الدنيا بأصناف النعم ، ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب والأماني الباطلة والعذاب الحاضر ما فيه ، وإنما تتوارى عند سكرات الشهوات والعشق وحب الدنيا والرياسة ، إن لم ينضم إلى ذلك سكر الخمر ، فسكر هذه الأمور أعظم من سكر الخمر ، فإنه يفيق صاحبه ويصحو ، وسكر الهوى وحب الدنيا لا يصحو صاحبه إلا إذا سكر في الأموات ، فالمعيشة الضنك لازمة لمن أعرض عن ذكر اللَّه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم في دنياه ، وفي البرزخ ، ويوم معاده ، ولا تقر العين ولا يهدأ القلب ، ولا تطمئن النفس إلا بإلاهها ومعبودها الذي هو حق ، وكل معبود سواه باطل ، فمن قرت عينه باللَّه قرت به كل عين ، ومن لم تقر عينه باللَّه تقطعت نفسه على الدنيا حسرات .
إلى أن قال رحمه اللَّه تعالى في نهاية الكلام عن آثار المعاصي : فانظر إلى الآخرة كأنها رأي العين ، وتأمل حكمة اللَّه سبحانه في الدارين ، تعلم حينئذ علمًا يقينًا لا شك فيه ، أن الدنيا مزرعة الآخرة وعنوانها وأنموذجها ، وأن منازل الناس فيها من السعادة والشقاوة على حسب منازلهم في هذه الدار من الإيمان والعمل الصالح وضدها ، فمن أعظم الذنوب الخروج عن الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة ، وباللَّه التوفيق . انتهى كلام ابن القيم رحمه اللَّه تعالى ، وأحيطك علمًا بأن تلك النقاط السابقة مجرد عناوين وقليل من الشرح لما في كتاب (( الجواب الكافي )) ،هذا الكتاب القيم لابن القيم الجوزية . مقتبس من كتاب ففـــروا إلى الله للشيخ /أبي ذر القلموني
| |
|