إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العارفون بالله ( النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ) ويقولون ( النفس كالدابة إن ركبتها حملتك وإن ركبتك قتلتك ) فالنفس أيها الأخوة والاخوات إما أمارة وإما لوامة وإما ملهمة وإما مطمئنة وإما راضية وإما مرضية وإما كاملة ؟ فالنفوس سبعة وهناك جهاز رقابى على النفس ألا وهو الضمير . فتعالوا بنا ايها الأحبة نتعرف من قريب على اثنين من أصحاب الضمائر اليقظة استطاعا بضميريهما أن يظهرا أن من خاف الله خافه كل شئ ومن لم يخف الله خاف من كل شئ . فأبدأ بتقديم سيدة صحابية جليلة من صحابيات رسول الله إنها زوجة بشير بن سعد ما قصتها ؟ وما شأنها ؟ وكيف وقف الضمير ينادى فى مملكة نفسها بمنطق اليقين . فما قصة هذه الزوجة ؟ إن بشير بن سعد تزوجها وكان عنده أولاد من زوجة أخرى وأنجب منها النعمان بن بشير بن سعد رضى الله عنهما فأراد بشير أن يجامل الزوجة الجديدة فأراد أن يكتب لابنها النعمان حديقة يخصهها له فماذا حدث ؟ قالت الزوجة لزوجها والله لا أقبل هذا العمل حتى تشهد عليه رسول الله إنه الضمير اليقظ الذى لا ينام فقالت له ذلك لأنها تعلم أن رسول الله لا يشهد على باطل أبدا فذهب بشير بن سعد ليشهد رسول الله فقال له رسول الله أكل ولدك أعطيته حديقة مثل النعمان ؟ قال لا يا رسول الله فيقول يا بشير أشهد غيرى فأنا لا أشهد على ظلم . كان هذا هو الضمير الذى تحرك فى نفس أم النعمان بن بشير بن سعد . أما الضمير الثانى فقد تحرك فى نفس جندى خاض معركة القادسية مع سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه فبعد إنتهاء المعركة إذا بجندى يأتيه بعلبة مليئة بالجواهر الكريمة ويقول له أيها القائد إنى عثرت على هذه الجواهر فينظر إليه سعد بن أبى وقاص ويقول ألم تأخذ منها شيئا فيقول له الجندى والله لولا مخافة الله ما جئتكم بها ولو كنت أريد أن آخذ شيئا ما أحضرتها لكم فقال سعد ما إسمك أيها الجندى فقال والله لا أقول لك إسمى حتى تشكرنى فأنا لا أنتظر الشكر منك حتى لا أضيع ثوابى عند الله وذهب الجندى دون أن يأخذ شيئا على أداء الأمانة بل دون أن يذكر إسمه لقائده ذهب الجندى إلى معسكره يحمل بين جنبيه قلبا مستريحا لأنه أدى الواجب . قلبا مستريحا وضميرا يقظا ونفسا مطمئنة وإذا بسعد يرسل وراءه من يعرف إسمه ذهب وراءه رجل من رجال سعد حتى دخل ذلك الجندى خيمته وعرف إسمه فهو عامر بن قيس ذلكم العامر القلب . أتدرى أخى أتدرى أختى لما نام هذا الرجل على فراش الموت ماذا كان يقول ؟ كان يبكى ويسألونه ما يبكيك يا عامر ؟ فيقول أبكى لثلاثة أشياء ماهى الثلاثة أشياء يا عامر ؟ يقول أبكى لليلة نمتها ولم أقم فيها قيام الليل , ويوم أفطرته , وساعة غفل فيها قلبى عن ذكر الله رب العالمين . أيها الأخوة أيتها الأخوات هؤلاء أناس رباهم سيد الخلق وحبيب الحق محمد صلى الله عليه وسلم فعرفوا كيف يوقظوا ضمائرهم فهل نتعظ من هؤلاء ونوقذ ضمائرنا ؟ !