جلال العسيلى مشرف عام
عدد المساهمات : 5415 نقاط : 7643 السٌّمعَة : 13 تاريخ التسجيل : 16/05/2010 العمر : 62
| موضوع: القرآن فوق الأكوان السبت يوليو 31, 2010 5:04 am | |
| القرآن فوق الأكوان جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم خاتما للمرسلين, وداعيا العالمين إلي ربهم, وإلي يوم الدين, فتركنا علي المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك, ورسالته تتوافق مع الفطرة الإنسانية.
فيسعد الإنسان عند الطاعة ويشقي عند المعصية, حقا إنه يلهو بما يشتهيه وبالأضواء اللافتة, لكنه يعود بعد ذلك إلي نفسه اللوامة, والله تعالي بين لنا في صدر( سورة الحجر) هذه الحقيقة, وبين لنا هذا التداخل بين المعصية والطاعة الذي قد يحدث في قلوب بعض الناس في الدنيا. تفتتح السورة بحروف مقطعة, تثبت أن القرآن فوق الحروف وفوق الأصوات, وأن عقول البشر لن تبلغ منتهاه, ولن تصل إلي سر تأثيره دون ما سواه, فالقرآن كلام الرحمن, لا يستطيعه الثقلان, والقرآن فوق الأكوان, يعلو ولا يعلي عليه, فهو غالب لا مغلوب, لله كم لجلاله وجماله خشعت عقول! ولكم لانت لذكره وتذكرته من قلوب! سمعه أقوام فخروا للأذقان سجدا يبكون, وعندما عرفوا ما فيه من الحق فاضت له العيون. انه كلام الله, حمل من الأسرار ما فوق ظاهرة من الحروف, وما فوق تلاوته بالأصوات, وكله حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, فأعجز الخلائق في لفظه وخطه ومبناه, كما أعجزهم في معناه ومرماه, نزل به الروح الأمين, علي قلب سيد الأولين والآخرين, ما أثقله! لولا أن الله سبحانه يسره بلسانه ليكون من المنذرين, وليكون ذكرا للعالمين, ولا يزال الله عز وجل يمنح عباده من أنوار الفهم عنه فيه بقدر معلوم, ورزق من لدنه مقسوم, فتفاوت الناس بقدر تحمله شرفا, وتفاضلوا بحسب علمه قدرا, وتساموا بقدر فهمه مراقي ودرجا, وأما الراسخون في العلم ـ وقالوا آمنا به كل من عند ربنا ـ فلا تسأل عن مكانتهم عند مليكهم تصديقا وصدقا; إنه بحق ميراث النبوة قائما باقيا في هذه الأمة الغراء, وهل ورثة الأنبياء إلا العلماء! هجره أقوام وما لهم من ناصرين, أما الصالحون فكان موردهم ومصدرهم, وما اتخذوا من دون الله وليا ولا نصيرا, بل اطمأنت بالذكر قلوبهم لما ساروا علي بصيرة بفضل أنوار المنزل عليه صلي الله عليه وسلم في قوله الله تعالي إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولي الصالحين)( سورة الأعراف:196). يقول الله تعالي الر)( سورة الحجر:1) والحروف المقطعة في أوائل السور هي نصف حروف الهجاء, ولو جمعناها لخرجت جملة جميلة تصف معناه نص حكيم قاطع له سر فالقرآن( نص) يؤخذ منه, كل حرف فيه له معني, وهو( حكيم) وحكيم علي وزن فعيل, أي أنه محكم( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)( سورة فصلت:42)( قاطع) في ثبوته, و قاطع في هدايته, وقاطع في كونه كتاب حياة, و( له سر) ومن أسراره تلك الحروف التي ذهب فيها المفسرون كل مذهب, والتي لا يزال الإنسان وهو يقرؤها يشعر بضآلته ـ من بعد تحصيله علوما شتي ـ أمام كلام الله سبحانه. والكلام واضح لا خفاء فيه, والعلو مشاهد, والفخامة ظاهرة, والعظمة بادية علي كتاب الله تعالي, من أول حرف تقرؤه فيه الر) فإذ بك تفهم المعني, إلا أنك تقف خاشعا أمامه, وكأنك قد هيئت لتلقي كلام عظيم من رب عظيم. ونقف عند قوله تعالي ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين)( سورة الحجر:2) فـ( رب) للتقليل كما أن( كم) للتكثير( ربما يود الذين كفروا) يعني كأن الكافرين( قلة منهم) يودون في قلوبهم أن لو كانوا مسلمين, ومعني هذا أن حجابا كثيفا بين أولئك الكافرين وبين الإسلام يحول دون إسلامهم. بعض المفسرين حمل( ربما) في الآية علي التكثير, ولكن يوم القيامة, حين يرون عصاة الموحدين يخرجون من النار; فيود الكافرون لو أنهم كانوا مسلمين في الدنيا, فيخرجون كما خرجوا. وعن صفات أولئك الخاسرين يقول تعالي ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون)( سورة الحجر:3), إذن لهم في ظاهرهم أمارات ثلاث: أولاها الأكل( يأكلوا) غلبت عليهم شهوة الطعام, فشأنهم الأكل, وسعيهم للأكل, وكأنهم للأكل خلقوا.. والأكل مطلق, فماذا يأكلون!؟ لا يبالون أحلالا كان أم حراما; وبإطلاق الأكل صح أن يدخل فيه أكل أموال الناس بالباطل, وأكل مال اليتيم, وأكل الربا, وأكل الدنيا بالدين, لا عبرة عندهم بكل ذلك! المهم بل الأهم لديهم أن يأكلوا;( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا) المتعة: وهي ثانية الأمارات; لما طمس الله عي قلوبهم ببغيهم, وأذهب نورهم, جعلوا أوقاتهم لمتعة, وأنفقوا أعمارهم فيها, وهذه المتعة متعددة بحسب الحال, فهي كلمة جامعة فذة, تشمل متع الجنس, ومتع الجاه, ومتع المال, لكنها كلها متعلقة بالدنيا فقط, ولا يتعلق منها شيء بالآخرة, ولا بوجه الله, ولا بذكره, ولا بالطيب من القول, وإنما لهو ولعب وغرور وخداع ومكره( ويلههم الأمل) وهذه هي الأمارة الثالثة الظاهرة, فهم يؤملون في هذه الحياة الدنيا أملا كاذبا خادعا, ألهاهم عن حقيقتها, وما من أجله خلقوا فيها, ولا تري واحدا فيهم يذكر الموت, بل يأباه ويكرهه لأنه يكره لقاء الله, كما قال تعالي يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)( سورة الروم:7). إن القرآن غاص داخل خبايا النفس الإنسانية وكشف عن حقيقتها وخصائصها ووظائفها( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)( الملك:14), والإنسان مكرم علي الكون كله, فصارت النتيجة المنطقية عن أولي الألباب: أن القرآن فوق الأكوان. | |
|
أبو رحيق عضو
عدد المساهمات : 89 نقاط : 113 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 02/08/2010
| موضوع: رد: القرآن فوق الأكوان الثلاثاء أغسطس 03, 2010 12:30 am | |
| بارك الله فى عمرك وجزاك الله خيراً وجعله ربى بموازين حسناتك اثقال أخى الكريم | |
|